نموذج الحب والحرب

أرحب بكل نقد أو استفسار

نموذج الحب والحرب

أرحب بكل نقد أو استفسار

عالم السياسة والاقتصاد والقانون

هذه المدونة تعبر عن الكثير من الأبحاث التي قدمتها

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 30 يونيو 2013

وثائق تاريخية
          المذكرات ([1]) التي تلقاها المندوب السامي الفرنسي في سوريا إبان الانتداب الفرنسي على سوريا، من زعماء النصيرية ونوابهم في المجلس التمثيلي لحكومة اللاذقية، وكانوا قد بعثوا بها، في الوقت الذي كان فيه الوفد السوري المنتدب عن الكتلة الوطنية يفاوض في باريس في 21 مارس 1943 بشأن استقلال سوريا، وإنهاء الانتداب الفرنسي عنها.
1- المذكرة الأولى في 8 يوليو 1936، وتنص على
          " لقد جاءت حكومة الانتداب إلى بلادنا، ونحن مستقلون عن كل سلطة بقوة سلاحنا ومنعة جبالنا، وهذا الاستقلال الغريزي دفع فريقً منا في بادئ الأمر إلى محاربة الجيش الفرنسي احتفاظاً فيه، ولكن الفريق الأكبر منا وثق بشرف فرنسا وتاريخها فوضعنا يدنا بيد الانتداب الذي قدر لنا هذه الثقة فحفظ لنا استقلالنا ونظمه، ومنذ ذلك الحين أخلصنا لفرنسا إخلاصاً لا حد له، وزاد هذا الإخلاص أن جميع المفوضين الساميين كانوا يصرون ويعدون باسم فرنسا، بضمان هذا الاستقلال وحمايته، وكنا نتقبل هذه الوعود والتصريحات كما نتقبل كلام الله، إذ لم يخطر في بالنا قط أنه يمكن لفرنسي يمثل حكومته، أن يعد ثم يحنث في وعده، وكم كانت دهشتنا عظيمة حينما رأينا الإفرنسيين المسؤولين لأول صدمة صغيرة يتلقونها من السوريين، يتناسون جميع وعودهم السابقة ويعدون السوريين بتصريح رسمي بإمكان إلحاقنا بسوريا كأن استقلالنا هو هبة من فرنسا تعطيها حين تريد وتمنعها حين تريد، وزادت دهشتنا، أن قضيتنا مع الأسف لم تكن –أثناء المفاوضات الفرنسية السورية- موضع نظر وعطف ومحافظة الإفرنسيين على شرف وعودهم بل كانت –كما كتبته جميع الصحف- موضع مساومة وعملية بيع وشراء، كأنا عبيد أفريقيا يباعون لأسيادهم دون أخذ موافقتهم، وهذا أمر لم نكن نتصوره، ولا في الأحلام، تجاه ذلك رأينا أن نحدد موقفنا مع فخامتكم بصراحة متناهية، لأننا أمام كارثة عظمى، وعلى وشك الاستشهاد في الشرف، إننا نطالب فرنسا العظيمة بالمحافظة على وعودها وشرف قراراتها، ونزيد على ذلك، إننا لا نسمح حتى ولا لفرنسا الكريمة المحسنة، أن تتصرف باستقلالنا وتهبه هدية لمن تريد، متناسية إخلاصنا وتضحياتنا وثقتنا من جهة ووعودها وتأكيداتها من جهة أخرى غير مهتمة بحكم التاريخ، إننا لا نزال على شيء من الثقة في فرنسا، فإذا أرادت أن تحافظ على هذه الثقة، فعليها أن تجيبنا إلى أحد هذين المطلبين، الأول إصدار وثيقة رسمية تعلن فيها فرنسا احترامها وضمانها لاستقلال النصيرية به تحت إشرافها، والثاني إرسال وفد نصيري رسمي يمثل حكومة اللاذقية للدفاع عن الاستقلال النصيري تحت إشرافها، ومعاضدته من الحكومة الإفرنسية المسؤولة، فإننا نصارحها القول، إنا نحبها ولكننا نحبها لأنها تريد لنا الخير فإذا تلاشى هذا الأمل تماماً، فنحن أحرار باتخاذ الموقف الذي تقتضي به غريزة الاستقلال المتأصلة فينا، مبتدئين في إعلان العصيان المدني في جميع المنطقة".
2- المذكرة الثانية في 11 يوليو 1936 وتنص على :
          " إن النصيرية الذين يشكلون الأكثرية الساحقة من سكان حكومة اللاذقية، يرفضون الرفض الحازم رجوعهم إلى الحكم الإسلامي، وإنه يستحيل على فرنسا الممثلة بأحزابها البرلمانية أن تقرر عبودية شعب صغير صديق لأعدائه التاريخيين الدينيين، ولكي تتأكدوا من عمق الهوة التي تفصل بيننا وبين السوريين، وتتصوروا الكارثة المفجعة التي نحن على أبوابها نرجوكم التفضل بإرسال لجنة نيابية، لتطلع على الحالة، كما هي، ولترى هل في الإمكان إلحاق النصيرية بسوريا، دون التعرض لمأساة دامية، تكون لطخة سوداء في تاريخ فرنسا، مع إيقاف المفاوضات الإفرنسية السورية فيما يختص بالنصيرية".
3- المذكرة الثالثة في 3 يونيو 1963 وتنص على :
          " هل إن فرنسيي اليوم يجهلون بأن حملات الصليبيين لم تحقق بقاء طويل الأمد ولم تبن حصونها، ولم تمتزج بالسكان إلا في القسم الشمالي الشرقي من سوريا، أي في بلاد النصيرية، حيث دولة اللاذقية الحالية، وإننا أكثر الشعوب السورية إخلاصاً لفرنسا؟ ....... إن فرنسا لن تدنس أبداً تاريخها المشرف بجريمة اتحادنا مع سوريا"

4- المذكرة الرابعة في 24 يوليو 1936، وهي مرفوعة من المجلس التمثيلي من النصيرية إلى وزير خارجية فرنسا آنذاك وهذا نصها:
          " نحن نرفض رفضاً قاطعاً أي اندماج بسوريا، نحن نطالب باستقلالنا تحت وصاية فرنسا، إن الوفد السوري الموجود في باريس حالياً لا يملك حق تمثيلنا، إن من غير المقبول أن تتخلى فرنسا الحرة عنا، نحن الشعب الصغير الضعيف الوفي دون علمنا وخلافاً لرغبتنا التي عبرنا عنها بوضوح، إن ما يخيب أملنا أن نرى حقوقنا تهضم وتداس من قبل فرنسا نفسها، إن كتبنا وبرقياتنا التي وجهناها إلى هذه الوزارة بقيت تنتظر الرد.
          إن الحاكم والموظفين الفرنسيين المحليين في حيادهم الصامت ومحاولتهم تهدئتنا يساومون على قضيتنا، إننا نلتمس إرسال وفد يمثلنا إلى باريس أو إيقاف المباحثات التي تخصنا في باريس لحين قدوم لجنة برلمانية فرنسية غير منحازة إلى هنا لدراسة الحالة إننا نتوجه للمرة الأخيرة إلى وفاء فرنسا لإنسانيتها ولوعودها في الحفاظ على استقلالنا، إننا متمسكون بشدة بقرارنا بمقاومة الهيمنة السورية بكل السبل وحتى بالقوة، وستكون فرنسا مسؤولة عن الدماء التي ستسيل، وإن كان استقلالنا مستحيلاً دولياً، فإننا نوافق على التباحث مع لبنان حول اتحاد يضمن استقلالنا الذاتي الكامل تحت حماية فرنسا"
5- المذكرة الخامسة من رئيس المجلس التمثيلي لحكومة اللاذقية إبراهيم الكنج ([2]) إلى وزير خارجية فرنسا إيفون ديلبوس في 25 يوليو 1936 وتنص على :
" كانت فرنسا في الماضي، قد وعدتنا بالاستقلال تحت حمايتها، وقد حافظت على هذا الاستقلال، ونظمته خلال الستة عشر سنة الماضية، ونحن لا نرى إلا أنها تنسى التزاماتها ومهمتها التحريرية، عندما توافق الآن على التضحية، بنا إلى أعدائنا القدماء، خلافاً بالمصلحة العامة، وفي حالة الإستحالة كلياً للإبقاء على استقلالنا من وجهة النظر الدولية، فنحن نوافق على بحث مسألة اتحاد دولتنا بلبنان البلد الجار الذي يتألف، مثل بلادنا من أقليات، سنتوصل دون شك إلى التفاهم معها"
6- المذكرة السادسة من المجلس التمثيلي لدولة اللاذقية في 20 أغسطس 1936 وإلى دائرة المفوض السامي الفرنسي وتنص على :
" إن المجلس التمثيلي لدولة اللاذقية، الذي يضم سبعة عشر عضواً، مقسم وفق نسبة عدد السكان أي 12 عضواً يؤيدون الاستقلال، و(5) يؤيدون الوحدة مع سوريا، منهم (3) من السنة واثنان من النصيرية، وما كان أي من النصيرية، ليطالب بالوحدة لولا بعض الاعتبارات الناتجة عن المنافسة الانتخابية".


وثيقة سياسية سورية قديمة عن الطائفة النصيرية ([3]) :1936
دولة " دبلوم باشا " رئيس الحكومة الفرنسية:
بمناسبة المفاوضات الجارية بين فرنسا وسورية نتشرف نحن زعماء الطائفة العلوية في سوريا أن نلفت نظركم ونظر حزبكم إلى النقاط التالية:
(1) إن الشعب العلوي الذي حافظ على استقلاله سنة فسنة بكثير من الغيرة والتضحيات الكبيرة في النفوس و هو شعب يختلف بمعتقداته الدينية وعاداته وتاريخه عن الشعب المسلم السني. ولم يحدث في يوم من الأيام أن خضع لسلطة مدن الداخل .
(2) إن الشعب العلوي يرفض أن يلحق بسوريا المسلمة, لان الدين الإسلامي يعتبر دين الدولة الرسمي, والشعب العلوي, بالنسبة إلى الدين الإسلامي, يعتبر كافرا. لذلك نلفت نظركم إلى ماينتظر العلويين من مصير مخيف وفظيع في حال ارغامهم على الالتحاق بسورية عندما تتخلص من مراقبة الانتداب ويصبح بامكانها ان تطبق القوانين والانظمة المستمدة من دينها.
(3) ان منح سورية استقلالها والغاء الانتداب يؤلفان مثلا طيبا للمبادئ الاشتراكية في سوريأ, الا ان الاستقلال المطلق يعني سيطرة بعض العائلات المسلمة على الشعب العلوي في كيليكيا واسكندرون وجبال النصيرية.
اما وجود برلمان وحكومة دستورية فلا يظهر الحرية الفردية ان هذا الحكم البرلماني عبارة عن مظاهر كاذبة ليس لها اي قيمة , بل يخفي في الحقيقة نظاما يسوده التعصب الديني على الاقليات. فهل يريد القادة الفرنسيون ان يسلطوا المسلمين على الشعب ليلقوه في احضان البؤس ؟
(4)  ان روح الحقد والتعصب التي غرزت جذورها في صدور المسلمين العرب نحو كل ما هو غير مسلم هي روح يغذيها الدين الإسلامي على الدوام. فليس هناك أمل في أن تتبدل الوضعية . لذلك فان الاقليات في سورية تصبح في حال الغاء الانتداب معرضة لخطر الموت والفناء , بغض النظر عن كون هذا الالغاء يقضي على حرية الفكر والمعتقد.
وها اننا نلمس اليوم كيف ان مواطني دمشق المسلمين يرغمون اليهود القاطنين بين ظهرانيهم على توقيع وثيقة يتعهدون بها بعدم ارسال المواد الغذائية إلى اخوانهم اليهود والمنكوبين في فلسطين. وحالة اليهود في فلسطين هي اقوى الادلة الواضحة الملموسة على عنف القضية الدينية التي عند العرب المسلمين وكل من لا ينتمي إلى الإسلام. فان اولئك اليهود الطيبين الذين جاؤوا إلى العرب والمسلمين بالحضارة والسلام , ونثروا فوق ارض فلسطين الذهب والرفاه ,ولم يوقعوا الاذى باحد, ولم يأخذوا شيئا بالقوة , ومع ذلك اعلن المسلمون ضدهم الحرب المقدسة , ولم يترددوا في ان يذبحوا اطفالهم ونسائهم بالرغم من وجود إنكلترا في فلسطين وفرنسا في سورية . لذلك فإن مصيرا اسودا ينتظر اليهود الأقليات الأخرى في حالة إلغاء الانتداب وتوحيد سورية المسلمة مع فلسطين المسلمة , هذا التوحيد هو الهدف الأعلى للعرب المسلمين.
(5)  أننا نقدر نبل الشعور الذي يحملكم على الدفاع عن الشعب السوري وعلى الرغبة في تحقيق الاستقلال. ولكن سورية لا تزال في الوقت الحاضر بعيدة عن هذا الهدف الشريف الذي تسعون إليه, لأنها لا تزال خاضعة لروح الإقطاعية الدينية , ولا نظن أن الحكومة الفرنسية والحزب الاشتراكي الفرنسي يقبلون أن يمنحوا السوريين استقلالا يكون معناه عند تطبيقه استعباد الشعب العلوي وتعريض الأقليات لخطر الموت والفناء. أما مطلب السوريين بضم الشعب العلوي إلى سورية فمن المستحيل أن تقبلوا به أو توافقوا عليه,لان مبادئكم النبيلة, إذا كانت تؤيد فكرة الحرية, فلا يمكنها أن تقبل أن يسعى شعب إلى خنق حرية شعب أخر لا إرغامه على الانضمام إليه.
(6)  قد ترون أن من الممكن تأمين حرية حماية والأقليات بنصوص المعاهدة, أما نحن فنؤكد لكم انه ليس للمعاهدات أية قيمة إزاء العقلية الإسلامية في سورية وهكذا استطعنا أن نلمس قبلا في المعاهدة التي عقدتها إنكلترا مع العراق التي تمنع العراقيين من ذبح الآشوريين واليزيديين , فالشعب العلوي , الذي نمثله, نحن المجتمعين والموقعين على هذه المذكرة , يستصرخ الحكومة الفرنسية والحزب الاشتراكي الفرنسي , ويسألهما ضمانا لحريته واستقلاله ضمن نطاق محيطه الصغير, ويضع بين أيدي الزعماء الفرنسيين الاشتراكيين , وهو واثق من انه واجد لديهم سندا قويا أمينا لشعب مخلص  صديق, قدم لفرنسا خدمات عظيمة مهدد بالموت والفناء .
عزيز أغا الهواس - محمد بك جنيد -  سليمان المرشد - محمود أغا جديد  - سليمان أسد ([4]) -  محمد سليمان الاحمد .
" وحيد ا لعين " ([5])
بيان إلى أبناء الطائفة العلوية

بسم الله الرحمن الرحيم

إخواني في العقيدة أبناء الطائفة النصيرية في كل مكان
          في هذه الفترة التي تسير فيها سورية الحبيبة المناضلة المجاهدة بخطى سريعة نحو الموت والفناء، أبت علي كرامتي ووطنيتي وإخلاصي لطائفتي وأمتي العربية أن أقف مكتوف اليدين والألم الممض يعصر قلبي لما آل إليه وضع البلاد التي تتخبط بالفوضى والاستئثار، والخيانات والسرقات، وبذر بذور الطائفية الرعناء وكبت الحريات بشكلاً تأباه العدالة والكرامة الإنسانية، حيث لم يبق قانون ولا حق ولا دين، بل تصرفات صبيانية رعناء يرتكبها صلاح جديد باسم "حزب البعث" من حيث الظاهر، وباسم الطائفة النصيرية العلوية المسلمة من حيث الباطن.
          لذلك رأيت من واجبي بعد أن لمست تلاعب هذه الطغمة الحقيرة بعقول السذج من مشايخ وأبناء الطائفة، أن أضع النقاط على الحروف مبيناً أوجه الخطر المحدق والذي يهدد كيان الطائفة ويمرغ سمعتها في الأوحال.
          وأنا لا أقصد من وراء عملي هذا الطعن في شخصية الطائفة النصيرية المسلمة التي يشرفني الانتماء إليها، بل إثبات الوقائع وإظهار الحقائق لتلافي الكارثة قبل وقوعها، ولأطمئن على مصير الطائفة بعد أن تتخلص سورية من هذه الطغمة الحقيرة السادرة في غيها، إذ لابد أن يأتي اليوم الذي سيطوح الشعب بمن جروا البلاد إلى الخراب والدمار بوحي من الصهيونية والاستعمار.
أخي العلوي،
          استصرخ ضميرك الحي يا من كنت عبر التاريخ رمزاً للسمو الخالد ومثالاً للكفاح المرير لتعلن تنصلك ممن جعلوا طائفتك مضغة في الأفواه .. وأبرأ إلى الله من مسؤولية هؤلاء واعتبرهم مباشرين عما يحدث لإشباع شهواتهم المتعطشة إلى التسلط.
          كان لابد لي من توجيه هذا النداء الحار قبل الدخول في صميم الموضوع كواجب لابد من أدائه، باعتباري أحد أبناء الطائفة العلوية، وأنا أتطلع بألم وحزن إلى موقف الطائفة العلوية الحرج حيث راح أعداؤنا يرموننا بعين النقد بالرغم من الفخر والشرف والمجد ومناهضة الاستعمار وحب الحرية.
تأثير الفرق الغالية في الإسلام على وحدة الصف العربي
          ليس من مقدور الإنسان المدرك والمواطن الصالح الذي ينهد إلى الكمال والمثالية متجرداً –جهد الطاقة- من التعصب الديني، متمسكاً بحرية التفكير، معتمداً على العقل والمنطق للاهتداء إلى الحق والوصول إلى الحقيقة الخالصة من التعصب إلا أن يطلق كلمة الصدق عالية مجلجلة ليسمعها القاصي والداني.
أخي في العقيدة والوطنية والعروبة،
          لا تعتب علي ولا تكيل لي الاتهامات جزافاً إذا كنت صريحاً معك إلى هذه الدرجة من الصراحة، لأنني أشعر وأنا أضع بين يديك هذه الحقائق بأنها ستكون مشعلاً ينير لك الطريق ويرشدك إلى سواء السبيل، وتسهل لك نبذ كل الترهات والسفاسف إذا ما رجعت إلى ضميرك الحي وعقلك السليم بإرادة قوية وعزيمة ثابتة وإيمان مكين بالله الواحد الأحد الفرد الصمد الذي لم يلد ولم يولد.
أخي في العقيدة
تعال معي قليلاً إلى الوراء. إلى ذلك اليوم الذي بعث فيه رسولنا الكريم ونبينا العظيم بالهدى ودين الحق ليخرج الناس بإذن الله إلى صراط العزيز الحميد.
بعثه الله رحمة للعالمين، لينشر التوحيد في العالم كله، ويصلح العقائد الفاسدة ويدعو الناس إلى المثل الأخلاقية العليا، والمساواة والحرية، ومناصرة الفضيلة، في ضوء العقل والمنطق.
ولقد طالب النبي المختار صلى الله عليه وسلم الناس كافة بالإيمان بالله وحده لا شريك                  له والإخلاص في عبادتهم، والتعاون على البر والتقوى، والامتناع عن الإثم والعدوان، بعد أن أعلن بأن     الدين لله.
ولم يعتمد عليه الصلاة والسلام في أداء رسالته إلا على العقل والحجة والتفكير المنطقي السليم، ولم يكن لديه من المعجزات إلا كتاب الله.
ولما كان العرب قبل ظهور الإسلام متفرقي الكلمة، مضطربي الأحوال، فقد استطاع الرسول العظيم أن يجمع كلمتهم ويوحد بينهم، ويزيل الخصومات ويؤلف بين القلوب، فأصبحوا إخواناً متحابين متعاونين بعد أن كانوا أعداء متقاتلين.
نعم يا أخي في العقيدة، تمكن البشير والنذير أو السراج المنير أن يجمع العرب على دين واحد هو توحيد الله، وعلى رئيس واحد هو رسول الله وقانون واحد هو كتاب الله .
وبذلك استطاعوا أن يفتحوا العالم، ويرثوا مجد الفرس والروم في أقل من قرن، ولكن العناصر الشعوبية التي دخلت الإسلام واستطاعت أن تتسلل إلى المراكز الدينية الحساسة، هالهم عندما لمسوا تضامن العرب واتحادهم ما وصلوا إليه من أمجاد فراحوا يبثون روح التفرقة والتنازع ويبذرون بذور الاختلافات باسم الغيرة على الدين والحفاظ عليه.
وممالا يقبل الشك بأن هؤلاء قد استطاعوا أن يتلاعبوا بعقول بعض السذج من الموتورين والحاقدين والغلاة الذين التفوا حولهم بعوامل الحب والولاء لآل بيت رسول الله e
وأول خطوة اتخذت لزلزلة أركان الدين الحنيف هي الخطوة التي ابتدعوا فيها فكرة الإمامة وأنها حق مفروض على الأمة الإسلامية من عند البارئ عز وجل، ولقد أعطوها صفات قدسية روحانية لا تمت إلى الإسلام بأية صلة، وقالوا إنها حق مكتسب لآل بيت الرسول جاءتهم من عند الإله، وإن الشمس تستحق التقديس أثناء شروقها ومغيبها.
ومع مرور الزمن تطورت هذه الفكرة فوضع لها أصول وأحكام وشروط أوصلت الإمام إلى مرتبة الألوهية، والشمس إلى العبادة.
والخطوة الثانية التي اتخذت في هذا المجال كانت إيجاد التأويل الباطني والقول بالباطن والظاهر وذلك لتقويض دعائم الدين واستئصال شأفته، فما عتم –بعد ظهور هذه الأفكار- أن تفرق المسلمون أصحاب الدين الواحد إلى فرق ومذاهب شتى متناحرة متنابذة يلعن بعضهم بعضاً ويكفر أحدهم الآخر، مما أدى بالتالي إلى إزهاق الملايين من النفوس البريئة على مذبح النعرات الدينية.
أخي في العقيدة،
أراك بعد كل هذا وقد أصبحت في غاية الشوق  إلى معرفة بعض الحقائق عن مذهبك وعقيدتك الباطنية لتعرف إلى أي مدى تنسجم مع الدين الإسلامي ولتتأكد بنفسك الخيرة نوعية الأمور الدخيلة عليه.
هلم معي لندرس سوية بعض النصوص الخطية التي زرعها في كتبنا الدينية السرية من يسمونهم الحجج والأبواب والنجبا والنقبا أمثال: المفضل الجعفي، وميمون القداح، وأبي شعيب النميري، وأبي الخطاب، وغيرهم، لنرى إلى أي حد تنسجم مع الإسلام وإلى أي مدى تخدم الصهيونية.
كيف أسس المذهب النصيري ؟
          تاريخ الباطنية في الإسلام يرمز من طرف خفي إلى أولئك الغلاة أصحاب البدع الذين تبرأ منهم الأمام جعفر الصادق عليه السلام على رؤوس الأشهاد قبل وفاته عندما شعر بخطر الأفكار التي راحوا يبشرون بها على الإسلام ووحدة الصف الإسلامي.
          وبعد وفاة الإمام جعفر الصادق عليه السلام استطاع هؤلاء أن يتلاعبوا في صفوف الشيعة ففرقوا شملها وجعلوها فرقاً وأحزاباً يتزعم كل منهم إحداها ويضع لها الأسس والمبادئ التي تتفق مع ميوله والغاية التي يذهب إليها والهادفة إلى تقويض دعائم الدين.
ومن هؤلاء :
1- ميمون القداح الديصاني اليهودي الفارسي مؤسس الفرقة الميمونة وواضع المبادئ القرمطية الهدامة.
2- المفضل الجعفي أصل كل رواية باطنية ومؤسس الفرقة المفضلة الغالية.
3- أبو الخطاب المجوسي الذي يمت بصلة القربى لأحد الكهان اليهود في البصرة، ولما شعر الإمام الصادق عليه السلام بأنه استطاع أن يغوي ولده إسماعيل بن جعفر تبرأ منه ونزع ولاية العهد عن ولده إسماعيل.
     وبالرغم من كل هذا تمكن من إيجاد الفرقة الخطابية، وساهم بوضع مبادئ الإسماعيلية والقرامطة.
4- محمد بن سنان خازن علم الباطن ومؤسس الفرقة السنانية.
أخي العلوي في كل مكان،
          لا تتسرع في الحكم قبل أن تنتهي من مطالعة كل الحقائق التي سأسردها عليك لتعرف مواطن الداء ومن هم أصل البلاء.
          أما أنا فأقول لك بأن أصل الغلو والزندقة والتطرف هؤلاء الأربعة مجتمعين لأنهم كما يشتم من تاريخهم الأسود اعتنقوا الإسلام وافتعلوا الولاء لآل بيت رسول الله للتغطية، هؤلاء هم الذين وضعوا الأسس والمبادئ العقائدية  الباطنية الغالية وظلت الفرق التي نوهنا عنها آنفاً تعمل بموجبها حتى عام 260 للهجرة ، حيث أعلنت غيبة الإمام الثاني عشر محمد بن حسن العسكري عليه السلام، عندها ظهر من أحفاد هؤلاء شيخ آخر، ((وحيد العين))، يتمتع بذكاء خارق ودهاء منقطع النظير هو: ((أبو شعيب بن نصير البصري النميري)) الذي عكف على دراسة المبادئ والأسس لكافة الفرق الشيعية المتطرفة فصهرها جميعها في بوتقة واحدة وصاغ منها المعتقدات النصيرية السرية التي لا يزال –حتى يومنا هذا- القسم الأكبر من المشايخ السذج يطبقونها وينطلقون منها في وعظهم وإرشادهم، ولقد جعل "أبو شعيب" أو سيدنا (وحيد العين) قدس الله سره المحور الرئيسي الذي تدور عليه العقيدة إطلاق صفة الألوهية على الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام وتسميته "بأمير النحل" حيث شبه المؤمنين بالنحل وهو أميرهم، كما منح نفسه لقب الباب الذي يحل محل "أمير النحل" ويمثله.
          ثم جاء بعده الشيخ الجنبلاني، والجلي، والزاهري، وجبين المذهب الشيخ علي الصوري، والخصيبي، فأوجدوا المراتب والحجب والأظلة والقباب، والنقبا والنجيا الخ.، ودعوا إلى عبادة الشمس والقمر والحلول أي حلول "الألوهية" في "أمير النحل"، وبابه سلمان الفارسي، وسلمان خلف المقداد، والمقداد خلف الناس، لذلك فهو رب الناس! وأوجدوا الاجتماعات السرية والقداسات والصلوات التي نذكر بعضاً منها لنرى إلى أي مدى تنسجم مع الدين الإسلامي الحنيف.
مقتطفات من صلاة التربية :
          بسم الله الرحمن الرحيم . قد فاز وأفلح من أمسى وأصبح بمعنوية مولاي علي أمير المؤمنين الأنزع الأصلع والأجلح، ابتديت بأول إجابتي بالإقرار لقدسي معنويته مولاي "أمير النحل" علي حيدرة أبي تراب، منه استفتح وفيه أحيا وأنجي وفيه أفوز وفيه أستغني وفيه أختم، وهو ربي ورب آبائي الأولين ورب الآخرين ورب الخلائق أجمعين! وأقول كما قال "وحيد العين" سيدي "أبو شعيب" محمد بن نصير إلى يحيى بن معين السامري قال: "إذا دهت في الحياة ونزلت بك نازلة في الممات فقل يا مولاي يا علي، بك استعنت وعليك توكلت يا دليل الأدلة..... ونقول كما قال شيخنا وسيدنا "أبو عبدالله الحسين بن حمدان الخصيبي" شرف الله العلي مقامه ونزه الله شخصه.
وهذا هي فقرات من صلاة "الجلية":
          اللهم إني أسألك يا مولاي يا علي يا نور الأنوار يارب الأستار يا عزيز يا غفار يا واحد يا قهار يا حيدر يا كرار يا خالق الليل والنهار يا من تتوجب بالأنوار يا منزل الكتاب يا مظهر الحجب، يا من تجليت بنورك العجيب.. وتراءيت لخلقك بنور ذاتك وتجليت لهم بنور مقامك، يا من تسميت بالعلوية واحتجبت بالمحمدية، واستويت بالسلسلة.. أن تجيرنا وإخواننا المؤمنين من سائر الفتن ما ظهر منها وما بطن حتى نذكر الوالي ابن الوالي أبا الحسين "محمد بن علي الجلي" عليه وعلى إخوانه الرضا والرحمة سر الشيخ التقي وإخوانه .. يا مولاي يا أمير النحل يا علي.
          مقتطفات من صلاة "الفتح" قوله تعالى: إذا جاء نصر الله والفتح ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجاً فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان تواباً"، آمنت وصدقت وبالحقيقة نطقت ونطق لساني، وأقرت جوارحي بشهادة أن لا اله إلا مولاي علي أمير المؤمنين فتح لنا فتحاً مبيناً وثبتنا على الحق إلى صراط مستقيم وأشهد أن مولاي أمير المؤمنين اخترع السيد (محمد) من نور ذاته وغايته متجلياً منه كالفتق من الرتق وكالحركة من السكون وكشعاع الشمس من الشمس.. وأشهد أن السيد محمد خلف السيد سلمان بأمر باريه وغايته ومبديه ومخترعه وخالقه.. وجعل باب وسبب أسبابه وغايته طلابه لا يدخل إليه إلا منه، وأشهد أن السيد سلمان اختص لنفسه الخمسة الأيتام الكرام الذين ما ضمهم ضم وسماهم وكناهم وجعلهم رؤساء العلم والإيمان أولهم وأعلاهم يتيم دين الله الأكبر والمسك الأزفر والياقوت الأحمر والزبرجد الأخضر الألف أول سيدنا المقداد وأبو الذر وعبدالله بن رواحة طريق الهدى للندمان و.. يا أمير النحل يا علي يا عظيم،
أخي المسلم في كل مكان ،
          هذا غيض من فيض من الإلحاد والغلو والحلولية حشد في كل ما يمت بصلة إلى المعتقدات النصيرية السرية، رأينا أن نضعها أمامك لتقول كلمتك فيها، فهل يا أخي بعد هذا الكفر كفر .. ولا تحمّل مسؤولية هذا الإلحاد والكفر لمغرر بهم والمضللين والمخدوعين من أبناء الطائفة بل حمل المسؤولية وكل المسؤولية للمشايخ الذين يتخذون من هذه الصلوات والدعوات وسيلة للارتزاق والعيش في بحبوحة بينما العامة يتضورون جوعاً وحرماناً ويحظر عليهم الاطلاع على ما جاء في الدين وما عليهم إلا الطاعة العمياء.
أخي العلوي .. أخي المسلم،
          عندما تفتحت مداركي على الحياة في أسرة عريقة بالمشيخة وزعامة الدين بدأت أقرأ كل ما تصل إليه يدي من الكتب السرية فأخلو مع نفسي وأنا أقف مشدوهاً أمام الرموز والإشارات الإلحادية التي لا تمت إلى الإسلام بأية صلة وكنت كثيراً ما أناقش والدي في أكثر هذه الأمور فكان يزجرني ويوبخني وأخيراً حظر علي لمس أي كتاب.
          وهنا تولت في مخيلتي الشكوك أبحث وأنقب وأدرس حتى استنرت روحياً وفكرياً فبدأت أحمل لواء المعارضة وأطالب بوجوب غربلة كافة المعتقدات النصيرية العلوية وتشذيبها مما علق من أدران لتأتي منسجمة مع الدين الإسلامي الحنيف.
          ولكن المشايخ الذين اتخذوا من هذه الأراجيف وسيلة للخداع والنصب وابتزاز الأموال وقفوا سداً منيعاً في وجهي ولكنهم –بالرغم من قوة نفوذهم وسيطرتهم على العامة- لم يتوصلوا إلى إطفاء شعلة الحق في نفسي التي لا تأخذها في الحق لومة لائم.
موقفي في المؤتمرات والمنظمات النصيرية
          هذه الوقائع الخطيرة والمؤامرات الحقيرة على الوطن الأم، لابد لي من إطلاع الرأي العام العربي والإسلامي عليها وعلى تفاصيلها وما دار فيها من نقاش مهما كانت النتائج وذلك لأن الديانات في مفهومي تأمر بقول كلمة الحق وتحض على الأخوة، وفي عرفي من يذهب إلى إيقاع الشقاق بين المسلمين ليس بعربي ولا مسلم.

الاجتماع الأول في القرداحة:
          في عام 1960 تنادى مشايخ النصيرية سراً لعقد اجتماع لهم في قرية القرداحة يحضره كبار الضباط النصيرية ، وعلى رأسهم كل من محمد عمران ومحمد نبهان وصلاح جديد، وكان الهدف الرئيسي من هذا الاجتماع التداول والاتفاق على كيفية انخراط الضباط النصيريين في صفوف حزب البعث لاستغلاله وجعله سلماً للوصول إلى الحكم، وفي نهاية الاجتماع اتخذت القرارات السرية التالية:
1- منح محمد عمران رتبة "البابية" وتكليفه بالتخطيط للمنظمات العسكرية وكيفية توزيعها على المنظمات الوطنية لاستغلالها والتستر بها.
2- الموافقة على بقاء عمران في صفوف الوحدويين من ناحية الظاهر.
3- التعزيز بالضباط الدروز والإسماعيلية للتعاون معهم.
4- منح عزت جديد رتبة "نقيب"في المذهب.
5- الموافقة على إحلال "إبراهيم ماخوص" محل والده في رتبته الدينية.
6- تكليف المشايخ لدعوة أبناء الطائفة للتضامن والتعاون وتشجيعهم للانخراط في الجيش.
هذه هي قرارات المؤتمر النصيري الأول مهد للمؤتمر الثاني الذي عقد في حمص بعد 18 تموز سنة 1963 لدراسة النتائج المتأتية عن الدور الذي لعبه محمد نبهان في حوادث 18 تموز وأدى إلى تسريح أكثر من 400  ضابط من أنصار جمال عبدالناصر.

الاجتماع الثاني في حمص:
          ومن البديهي أن يضم الاجتماع الثاني عدداً أكبر من المشايخ بالإضافة إلى كل من الضباط الآتية أسماؤهم: عزت جديد، محمد عمران، وإبراهيم ماخوص.
1- ترفيع محمد نبهان إلى رتبة "نجيب" تقديراً لدوره الفعال في 18 تموز.
2- منح محمد عمران الوشاح البابي الأقدس وتكليفه بمتابعة نشاطه في حقل الناصريين.
3- إعادة النظر بالتخطيط الموضوع بشأن انضمام المزيد من أبناء الطائفة المثقفين إلى حزب البعث والدخول باسم الحزب في الكليات العسكرية ومؤسسات الجيش.
4- التخطيط البعيد لتأسيس الدولة النصيرية وجعل عاصمتها حمص.
5- تكليف صلاح جديد بقيادة وتوجيه العناصر النصيرية في الجيش ومنحه أرفع رتبة عسكرية "مقدم".
6- مواصلة نزوح النصيرية من كافة قرى الريف إلى المدن وخاصة إلى حمص واللاذقية وطرطوس.
7- منح عزت جديد وعلي حماد رتبة "المختص".
8- السعي لاستئصال العناصر الدرزية والإسماعيلية الموجودين في صفوف الجيش والعمل على إحلال العناصر النصيرية محلهم.
9- تسليم القيادة المدنية السياسية إلى "إبراهيم ماخوص" وإعداده ليكون رئيساً لوزراء الدولة النصيرية المنشودة.
          ووافق الجميع على هذه القرارات التي قدمها الشيخ علي ضحية بإيعاز من "الباب" محمد عمران، ولكنني استهجنت استغلال الدين والطائفة من أجل أمور دنيوية بحتة وحذرت المؤتمرين من مغبة هذا العمل اللاوطني وذكرت لهم بأن العرب والمسلمين سيتألبون عليهم في كل مكان، ونوهت لهم بأنهم مهما أوتوا من قوة لن يستطيعوا الصمود في وجه الشعوب عندما يعلنون صراحة قيام الدولة النصيرية المنشودة، أما منح الرتب الدينية المقدسة لأشخاص لا علاقة لهم بالدين فمخالف للأصول والأحكام ولن أوافق عليه مطلقاً، وأفهمت المشايخ بأنهم إذا كانوا يرغبون في الحفاظ على الطائفة يجب أن يكونوا أوفياء لبلادهم فيعملوا لإبعاد الدين والطائفة عن سياسة الاستغلال والتآمر، وبالرغم من هذا الموقف فقد أقرت المقترحات وانتخبوا وفداً يضم ثلاثة مشايخ هم: الشيخ علي ضحية، والشيخ أحمد سليمان الأحمد، والشيخ سليمان العلي لنقل قرارات الاجتماع وليقدموا التهاني لأصحاب الرتب الجديدة.
          وفي اليوم التالي لوصول الوفد إلى دمشق استدعاني جديد إلى دمشق حيث تقابلنا في بيت العميد علي حماد وجرى نقاش حاد كشفت فيه كل شيء.
          وبالفعل اقتنع العميد حماد بوجهات نظري وقال: إن مجرد التفكير الآن بإعلان الدولة "النصيرية" سيقلب الدنيا على الطائفة، لذلك أرى حرصاً على كيان الطائفة بأن يستمر الوضع كما هو ظاهراً الحكم بعثي عربي، وباطناً نصيري علوي، مع ضرورة الاهتمام بالمراكز الحيوية في الجيش وكافة مرافق الدولة وعدم إسنادها إلا لمن يكون منا.
أخي العزيز المسلم في كل مكان،
          ان الصراع الذي يدور من خلف الستار في سوريا لتأسيس دولة نصيرية فيها يهمك ويهم كل عربي ومسلم، وحتى يهم البسطاء الكادحين من أبناء الطائفة النصيرية الذين لا يزالون كما كانوا في فقرهم وعوزهم وجهالتهم، تتاجر بهم هذه الطبقة المستغلة من الضباط المتآمرين والمشايخ الرجعيين النفعيين.
          وبصراحة أقول لقد استطاعت هذه الطغمة أن تصور للسذج من أبناء الطائفة بأن أوضاعهم ستحسن عندما يتحقق حلمهم المنشود، بدون أن يدور بخلدهم بأن النتائج ستكون خطيرة وخطيرة جداً.
فيا أخي الكادح ..
          عد إلى ضميرك النقي الطاهر وفكر بمصيرك ومصير عائلتك إذا تألب عليك الرأي العام العربي والإسلامي من كل حدب وصوب ..
وتنح عن هذه الفئة الضالة المضلة..
وأنت يا أخي العربي المسلم،
          ارحم البسطاء المغرين من أبناء الطائفة فلا تحقد عليهم عندما تحين ساعة الصفر وتعال معي لنقرأ سوية هذه النبوءة التي يستغلها المشايخ ويخطط لها العسكريون من أبناء الطائفة، وكانت أولى نتائج هذا التخطيط تسليم منطقة القنيطرة والجهة الجنوبية كمرحلة أولية تمهيداً لالتقاء الأعورين وتحقيق النبوءة.
عندما يلتقي الأعوران
          هذه النبوءة الخطيرة جداً التي أرويها ليست أسطورة خرافية يا أخي في العروبة والإسلام كما أنها نص رمزي وإشارة باطنية موجودة في كتاب الأسوس من كتبنا التأويلية، وإليك النص الحرفي: "عندما يبلغ المريخ إلى مرتبة الأوتاد الأربعة ويكون بهرام في الطالع يظهر من الجنوب وحيد العين الذي يكون مجتمعاً به حدث الميم وقدم الدال عندما يصبح بهرام في الوتد بمقدار عشر درجات يكون وارد الوقت وحيد العين قد ظهرت أعلامه من الشرق راكباً الميمون وبيمينه ذو الفقار المسنون فيطهر البلاد ويقضي على الفساد، وينصب الخيام على العاصي، وينهي الناس عن المعاصي ويطعم الجائع، وعندما يصل بهرام إلى الغارب في تلك السنة يكون صاحب حدث الميم وقدم الدال قد وصلت راياته إلى دمشق وإتجهت جيوشه نحو الشمال لتلتقي مع جيوش وارد الوقت وحيد العين فتتلألأ الأنوار القدسية وتظهر الأظلة والأشباح والأيتام من خلف القباب لتؤدي الطاعة إلى وارد الوقت، سيدنا وحيد العين، ويدوم العز في رؤوس العوالي، وترفرف الأعلام فوق الجبال، مدة سبعين عاماً بالتقريب تكون كلمة وارد الوقت واحد العين هي السائدة بخدمة وحيد العين صاحب حدث الميم وقدم الدال والله أعلم ...... "
          هذا النص الخطير موجود في كتاب الأسوس صفحة 213، والمشايخ الآن يطبقون هذه الإشارات ويفكون رموزها بشكل يخدم الصهيونية خدمة عظيمة للغاية، ولاشك أن الأيادي الصهيونية وراء هذه الحكاية من أساسها، والمشايخ يطبقون هذه النبوءة في الوقت الحاضر كما يلي :
          إن السيد أبو شعيب الذي كان وحيد العين أي أعور، سيحتجب عن طريق التناسخ ويظهر من الجنوب، فيحتل دمشق ويتجه نحو الشمال ليؤدي الطاعة إلى وارد الوقت وحيد العين، أعور، وعندما يلتقي الأعوران سيدوم حكمهما مدة 70 عاماً.
" وأبو شعيب يفسرونه مشايخنا اليوم هو موشي دايان – حدث الميم وقدم الدال ".
          ولهذا السبب تنازل المقدم جديد عن جنوب سورية لوحيد العين حدث الميم وقدم الدال تسهيلاً لالتقاء الأعورين على نهر العاصي، حيث سيدوم ملكهما 70 سنة، لأن النصوص المتعلقة بقيام دولة العلويين مرهون بقيامها سيطرة وحيد العين على دمشق وحتى نهر العاصي، وبعد هذه السيطرة يكون الوقت لإقامة الدولة العلوية وظهور أبو شعيب.
أخي العربي المسلم،
          هذا واقع، وإني أقول مرة أخرى: إني أتحدى المنظمة العلوية وما أتيت بهذا البيان إلا لأظهر للعالم العربي والإسلامي ، أن دمشق ستسلم إلى إسرائيل إن بقى صلاح جديد وزبانيته وما عليك إلا أن تتضامن مع رفيقك في جهاد مقدس لاستئصال شأفة هذه العصابة الخائنة التي تسعى لتحقيق هذه النبوءة، وقد سبق تسليم دمشق تسليم جنوبها دون حرب فعلية بل بكلام صدر عن مذيع مريض لا يعرف شيئاً.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
      الشيخ عبدالرحمن خ ([6]) .
جبلة في25 ذو القعدة 1388 هجرية



















الشيخ صالح العلي بين الجنرال غورو  وبعض الشيوخ النصيريين سنة 1922 ([7])







([1] )        هذه المذكرات مأخوذة من كتاب، تقي شرف الدين، "النصيرية: دراسة تحليلية"، بيروت، 1983، ص87-95، وقد أخذ مؤلف الكتاب هذه المذكرات من سجلات وزارة الخارجية الفرنسية، المتعلقة بسوريا ولبنان، ورقم الملف الأول هو 492 وثيقة 412، ص193 وما بعدها.
            رقم الملف الثاني 492، وثيقة رقم 412، ص193 وما بعدها، ص53.
            رقم الملف الثالث 493، وثيقة رقم 694، وثيقة رقم 705، وثيقة رقم 828، وثيقة 829.
            رقم الملف الثالث 515، ص206، ورقم الملف الرابع 493
            رقم الملف الرابع 493، ص7-8، ص229
            وكل هذه الوثائق صدرت بين شهري يوليو وأغسطس 1936
([2] )        يعتبر إبراهيم الكنج صديق الشيخ صالح العلي.
([3] )        http://airss-forum.com/Details.asp?id=119564
([4] )        سليمان أسد، هو والد الرئيس حافظ الأسد.
([5] )        سعد جمعة، "مجتمع الكراهية"، عمان، الأهلية للنشر والتوزيع، 2001، ص62 -75.
([6] )        عبدالرحمن خ، هو الشيخ العلوي النصيري، عبدالرحمن الخير, و هو من أقطاب مشايخ الطائفة العلوية في سوريا (الباحث)
([7] )        هذه الصورة مأخوذة من كتاب : حامد حسن ، "صالح العلي ثائراً وشاعرا " ،  دمشق ، منشورات دار الثقافة ، 1973، ص 85 ، الوثيقة رقم (6)، وبعد هذا اللقاء ساد الهدوء مناطق النصيرية ولم يشتركوا في أي ثرة أو تمرد  ضد الفرنسيين ، حتى أنهم لم يشتركوا في الثورة السورية الكبرى عام 1925 ، مع أنه اشتركت فيها جميع المناطق السورية واللبنانية وكانت على علاقة وثيقة بالعراق والأردن . 

الشهيد البطل عامر محمد ناجي / قائد في كتائب الجيش السوري الحر